التنمية السليمة ودورها في البناء المنهجي في فكر الشيخ محمد مهدي شمس الدين

مؤسسة الشرق الأوسط للنشر العلمي

عادةً ما يتم الرد في غضون خمس دقائق

الإصدار العشرون: 15 أبريل 2025
من مجلة العلوم الإنسانية العربية

التنمية السليمة ودورها في البناء المنهجي في فكر الشيخ محمد مهدي شمس الدين

منى حسن خازم
الملخص

ان الركائز والثوابت لكل ثقافة هي القيم، فاذا كانت القيم الحية المحركة هي القيم الفردية والعشائرية (القبلية) التي لا تأخذ بعين الاعتبار حاجيات المجتمع والجماعة، وكانت معادية للتغيير والابداع والتطور وتحول دون الاجتهاد والانفتاح والحوار، إذا كانت هذه القيم لا تخدم حقوق الانسان وكرامته، فإنها لا تكون ثقافة نابعة من الإسلام ولا معبرة عنه، لأنها تؤدي الى تفسخ المجتمع وتخلفه، والى ضعف الدولة وانحلالها، والى تقييد البشر بالقيود والأغلال. إن ميزة الثقافة الإسلامية في كل عصر وزمان هي أنها تدعو الى الوحدة والحوار والتقدم في مختلف مجالات التطور العقلي، وتتمثل كل جديد وكل معرفة وتعتبر ذلك سبيلاً الى الله تعالى وما لم تنشد الثقافة ذلك، فإنها لن تكون ثقافة اسلامية حقيقية. في الفكر المادي، التربية وسيلة لإعداد الإنسان ليكون غالباً ومستعمراً، تربية القوة العمياء هي روح التربية التي يحفل بها الفكر المادي. في الإسلام منذ نزلت على رسول الله الآيات الأولى التي لخصت الموقف التربوي والحياتي للعقيدة الإسلامية والشريعة الإسلامية، وظيفة الشريعة بدأت منطلقة من إعداد الإنسان المسلم ليكون خالق حضارة ورائد حضارة ذات طابع إنساني منفتح وقوي. فمن جملة الميزات الأساسية في التربية الإسلامية هي أنّ الإنسان المسلم إنسان عالمي لا ينتمي انتماء نهائياً وحاسماً إلا إلى الأسرة الإنسانية، يتجاوز العائلة والعشيرة والقوم إلى العالم، إلى البعد الإنساني الكبير. حين نتحدث عن التربية الإسلامية لا نتحدث عن مذهب تربوي، إنما نتحدث عن خط تربوي داخل صيغة حياة شاملة هي الإسلام، وعن رؤية تربوية في صيغة حضارية هي الإسلام. من هنا ينبغي أن نقدر المهمة التي نواجهها حق قدرها، لسنا في مواجهة بحث نظري، وإنما في مواجهة مشكلة حياتية حقيقية، نعاني منها على صعيد الفرد، وعلى صعيد الجماعة، وعلى صعيد السياسات العامة للعالم الإسلامي. الشريعة الإسلامية هي وسيلة لتكوين الحضارة وتجديدها في حركة التاريخ تتكون ثم تستمر في البقاء في حالة التجدد والتحرك. "ولذا، فإن على الانسان المسلم أن ينفض عنه غبار الغربة والتقليد، وكل ما تولد عن تقليده للغرب، وأن يتوجه من جديد نحو عالمه الذي هو الإسلام، باعتباره محتواه الثقافي وعالمه الثقافي ومجاله في الرؤية. وهذا ما يحتم القول بأن الثقافة الإسلامية تنمو وتتفاعل في داخل المسلم من خلال مناخ حضاري إسلامي، وهذا المناخ دونما شك مختلف عن الرؤية الحضارية الأخرى، كما أنه مختلف تماماً عن الرؤية الحضارية السائدة في عصرنا الحاضر، لأنها رؤية مادية محضة تشوه قيم الإنسانية، وتدعو الإنسان الى عالم مادي، هذا فضلاً عما تسعى اليه من نفي للآخرين، في حين أن قوام الثقافة الإسلامية كان ولا يزال الحوار مع الآخر والتفاعل معه، باعتبار أن الحوار يغني الثقافة، ويسلك بها الى السبل والمساحات التي تفتقر فيها الجماعة الى الرؤية الرشيدة" . إن لكل أمة من الأمم منظومتها القيمية المشتملة على العقائد ومجموعة القواعد العامة التي تشكل أساس نظامها العام. وتحرص كل أمة على حماية هذه القيم وإحاطتها بأسباب الحياة لتمكين أجيالها المتعاقبة، من الحصول على الزاد الأساسي من تلك القيم، من خلال مؤسساتها التربوية والتعليمية ومنظومتها الثقافية، ابتداءً من الأسرة. ولغرض مواجهة والحد من آثار تلك الظاهرة أصبح الزاماً على المجتمعات العربية الاهتمام بتطوير المناهج التعليمية والاهتمام بتعزيز الوعي الثقافي والفكري المجسد للهوية الثقافية العربية بما يتلاءم مع خصوصياتها والاستفادة من وسائل التطور العلمي والتكنولوجي خصوصاً في وسائل الاعلام بغية التواصل وعدم الانغلاق مع المجتمعات الأخرى

تحميل الملف PDF

مجلات علمية