مؤسسة الشرق الأوسط للنشر العلمي
عادةً ما يتم الرد في غضون خمس دقائق
تُشكّل إدارة الجمارك اللبنانية إحدى الركائز السيادية للدولة، إذ تضطلع بدور أساسي في حماية الاقتصاد الوطني ومراقبة حركة البضائع عبر الحدود، بما يضمن استقرار السوق ويكافح التهريب. غير أنّ فعالية هذا الجهاز الحيوي تعرّضت لاختلالات متكرّرة نتيجة الاعتداءات الإسرائيلية المستمرة على الأراضي اللبنانية، ولا سيّما في الجنوب، حيث تتركّز مراكز جمركية حدودية استراتيجية. فمنذ اجتياح عام 1978 مرورًا بحرب تموز 2006، وصولًا إلى العدوان الأخير الذي بدأ في تشرين الأول 2023، تعرّضت هذه المراكز لتدمير مباشر وتوقف في الخدمات الجمركية، ما أفضى إلى تداعيات اقتصادية وأمنية وإدارية خطيرة. ينطلق هذا البحث من إشكالية رئيسية مفادها: ما هو الأثر القانوني والتشغيلي للاعتداءات الإسرائيلية على عمل المراكز الجمركية في جنوب لبنان، وما مدى انعكاس ذلك على مكافحة التهريب وحركة التجارة الخارجية؟ وللإجابة على هذا التساؤل، تعتمد الدراسة منهجًا قانونيًا وميدانيًا مقارنًا، يدمج بين تحليل النصوص التشريعية والاجتهادات القضائية ذات الصلة، ورصد المعطيات الميدانية والإحصائية المستقاة من تقارير رسمية صادرة عن مديرية الجمارك ووزارة المالية اللبنانية، بالإضافة إلى نماذج مقارنة من فرنسا ومصر. يهدف البحث إلى تسليط الضوء على الثغرات التي كشفتها هذه الاعتداءات في البنية القانونية والتنظيمية للجمارك اللبنانية، واقتراح حلول بنيوية وتقنية لضمان ديمومة عمل هذا الجهاز في ظل النزاعات. كما يرصد آثار العدوان على التحقيقات الجمركية، والرقابة، والموارد البشرية، ويقترح خطة انتشار بديلة للطوارئ تستند إلى تجارب دولية ناجحة. وتُختتم الدراسة بتوصيات تشريعية وإدارية لتقوية المنظومة الجمركية، وضمان استمرارية دورها كخط دفاع سيادي للدولة في الحرب كما في السلم.